كل ساكنة الحي يعرفون الشيخ (عباس)، شيخ مهيب تجاوز الستين من عمره ، لكنه لازال يتمتع ببقية من قوة الشباب رغم ما يبدو من ضعفه ونحوله . والذين يذكرون الشيخ (عباس) يعرفون أنه من ضحايا موجة الجفاف التي عانت منها البلاد ، وأنه انتقل إلى المدينة بعد أن فقد كل ما كان يملك في قريته النائية في الجنوب . ويشاع عنه أنه كان يكسب أكبر قطيع من الماشية في الإقليم . وكان يشتغل معه فريق من الرعاة . لكن ... سبحان مبدل .
الأحوال . لم يبق من ذكريات عزه إلا حكايات مشفعة بالحنين والسلوان .انتقل (عباس) إلى المدينة، واكترى غرفة في بيت متهرئ من الحي عدت عليه السنون. راضيا بنصيبه من تصاريف الأيام . واختار لنفسه مهنة إسكافي يرتق النعال والأحذية مقابل ملاليم لاتكاد تفي بصروفه اليومي . وانطلقت زوجته (حليمة) تستجدي كرم المعارف كخادمة للبيوت ، لايكاد أجرها يتجاوز إ عانات عينية ، من قبيل الوجبات الغذائية والملابس البالية . ورغم كل ذلك عاشت أسرة الشيخ (عباس) حياة سعيدة لاتعكر صفوها خصاصة . والأجمل في ذلك أنهم كانوا في غنى عن أنواع الاستهلاك الخادع . ورغم حرمان البنتين من التمدرس اكتسبتا مهارات شتى في فن الخياطة والتطريز والأعمال المنزلية . وعاش الشيخ (عباس) مثالا للأب الرءوم والزوج العطوف . وحظي باحترام سكان الحي ، خاصة وأنه كان لايقابل الناس إلا بوجه بشوش ونفس طيبة . أمثال الشيخ (عباس) وزوجته وبنتاه لايعدهم عد ولا يحصرهم وصف . وما أكثر الذين رزئوا في معاشهم وعاكستهم الأيام ، لكن العبرة أولا بالإنسان الذي يحافظ على كرامته ، والذي لايتعلل بالفقر والعوز، ولا يستسلم لأول عثرة .
Lista de comentários
Réponse:
كل ساكنة الحي يعرفون الشيخ (عباس)، شيخ مهيب تجاوز الستين من عمره ، لكنه لازال يتمتع ببقية من قوة الشباب رغم ما يبدو من ضعفه ونحوله . والذين يذكرون الشيخ (عباس) يعرفون أنه من ضحايا موجة الجفاف التي عانت منها البلاد ، وأنه انتقل إلى المدينة بعد أن فقد كل ما كان يملك في قريته النائية في الجنوب . ويشاع عنه أنه كان يكسب أكبر قطيع من الماشية في الإقليم . وكان يشتغل معه فريق من الرعاة . لكن ... سبحان مبدل .
الأحوال . لم يبق من ذكريات عزه إلا حكايات مشفعة بالحنين والسلوان .انتقل (عباس) إلى المدينة، واكترى غرفة في بيت متهرئ من الحي عدت عليه السنون. راضيا بنصيبه من تصاريف الأيام . واختار لنفسه مهنة إسكافي يرتق النعال والأحذية مقابل ملاليم لاتكاد تفي بصروفه اليومي . وانطلقت زوجته (حليمة) تستجدي كرم المعارف كخادمة للبيوت ، لايكاد أجرها يتجاوز إ عانات عينية ، من قبيل الوجبات الغذائية والملابس البالية . ورغم كل ذلك عاشت أسرة الشيخ (عباس) حياة سعيدة لاتعكر صفوها خصاصة . والأجمل في ذلك أنهم كانوا في غنى عن أنواع الاستهلاك الخادع . ورغم حرمان البنتين من التمدرس اكتسبتا مهارات شتى في فن الخياطة والتطريز والأعمال المنزلية . وعاش الشيخ (عباس) مثالا للأب الرءوم والزوج العطوف . وحظي باحترام سكان الحي ، خاصة وأنه كان لايقابل الناس إلا بوجه بشوش ونفس طيبة . أمثال الشيخ (عباس) وزوجته وبنتاه لايعدهم عد ولا يحصرهم وصف . وما أكثر الذين رزئوا في معاشهم وعاكستهم الأيام ، لكن العبرة أولا بالإنسان الذي يحافظ على كرامته ، والذي لايتعلل بالفقر والعوز، ولا يستسلم لأول عثرة .
.