في مطلع ذلك الحي وفوق سنديانة قديمة تستيقظ العصافير صباحًا لتعزفَ موسيقاها الهادئة، منذرةً ببدء يومٍ جديدٍ مفعمٍ بالنشاط والحيوية، يرافقها صوت الأطفال الذي ينبض بالبراءة النابعة من صدق نواياهم، وصدق كلماتهم البسيطة التي تكاد تفهمها من المرة الأولى، فقد يسقط منها حرف أو حرفان، وفي بعضها قد يجلس حرف مكان الآخر، فكل مكان يرافقهم ينبض بياضًا يشبه بياض قلوبهم.
في ذلك الزقاق من الحي القديم، تقطن خمس عائلات لكل منها حكاية، وكل فرد فيها له قصته الذي يعتقد أنها في جعبة أسراره، لا يعرف أنها حق مشترك في ذاك الزقاق، فإذا دخلت إليه تشعر وكأنه بيت واحد، لا تكاد تميز بين فاصل كل بيت وآخر، إذا اشتكى أحد منهم فإن ذلك يعم على الجميع كالجسد الواحد، يعيشون معظم تفاصيل يومهم معًا ويتشاركونها. فنجدهم يجتمعون في مقهى الحي صباحًا، فيسمعون من الراديو القديم أخبار الدول المجاورة جميعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية منها والفنية
في الحي مدرسة قديمة لا يتجاوز عدد غرفها العشر، منها غرفة المدير، وغرفة معلمين، وصفوف ثمانية، وفي المنتصف ساحة كبيرة جعلها الطلاب ملعبًا لهم ينافسون بعضهم البعض، وبين فوز وخسارة يكمن المرح، في كل صف بضع طلاب، لكل مادة من المواد الدراسية معلم خاص بها، يعرفه أهل الحي جميعهم، وخاصة ذلك المعلم الجشع الذي كان ينتظر الهبات من الطلاب ليحصل كل طالب منهم على علامة تامة.
و هنالك الكثير و الكثير و لكنني سأكتفي بذكر هذه الاشياء لانني كلما تحدثت عن هذا الحي العتيق احسست بجمرة تشتعل اكثؤ فأكثر في قلبي .
Lista de comentários
Réponse:
في مطلع ذلك الحي وفوق سنديانة قديمة تستيقظ العصافير صباحًا لتعزفَ موسيقاها الهادئة، منذرةً ببدء يومٍ جديدٍ مفعمٍ بالنشاط والحيوية، يرافقها صوت الأطفال الذي ينبض بالبراءة النابعة من صدق نواياهم، وصدق كلماتهم البسيطة التي تكاد تفهمها من المرة الأولى، فقد يسقط منها حرف أو حرفان، وفي بعضها قد يجلس حرف مكان الآخر، فكل مكان يرافقهم ينبض بياضًا يشبه بياض قلوبهم.
في ذلك الزقاق من الحي القديم، تقطن خمس عائلات لكل منها حكاية، وكل فرد فيها له قصته الذي يعتقد أنها في جعبة أسراره، لا يعرف أنها حق مشترك في ذاك الزقاق، فإذا دخلت إليه تشعر وكأنه بيت واحد، لا تكاد تميز بين فاصل كل بيت وآخر، إذا اشتكى أحد منهم فإن ذلك يعم على الجميع كالجسد الواحد، يعيشون معظم تفاصيل يومهم معًا ويتشاركونها. فنجدهم يجتمعون في مقهى الحي صباحًا، فيسمعون من الراديو القديم أخبار الدول المجاورة جميعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية منها والفنية
في الحي مدرسة قديمة لا يتجاوز عدد غرفها العشر، منها غرفة المدير، وغرفة معلمين، وصفوف ثمانية، وفي المنتصف ساحة كبيرة جعلها الطلاب ملعبًا لهم ينافسون بعضهم البعض، وبين فوز وخسارة يكمن المرح، في كل صف بضع طلاب، لكل مادة من المواد الدراسية معلم خاص بها، يعرفه أهل الحي جميعهم، وخاصة ذلك المعلم الجشع الذي كان ينتظر الهبات من الطلاب ليحصل كل طالب منهم على علامة تامة.
و هنالك الكثير و الكثير و لكنني سأكتفي بذكر هذه الاشياء لانني كلما تحدثت عن هذا الحي العتيق احسست بجمرة تشتعل اكثؤ فأكثر في قلبي .