العولمة وهويتنا الثقافية لقد صار من الشائع ربط الهوية بالماضي وبما تم إنجازه فيه أي ربطها بما هو ثابت لا يقبل التحول ولا يراد له أن يتحول، والهوية بهذا المعنى تغدو في نهاية المطاف مرادفة للجمود والتقوقع في الماضي. والحقيقة أن الهوية لا ترتبط بالماضي أكثر من ارتباطها بالمستقبل، بطموح الأمة وآمالها وبما ترغب في تحقيقه تداركا للتأخير وبغية الالتحاق بالركب، لكن ذلك لن يتأتى إلا ضمن ما هو متاح عالميا، والعولمة عنصر أساس من ذلك المتاح الذي لا يمكن تجاوزه، ولا العامة يمكن للعرب عدم استثماره من أجل بناء مجتمع مدني تحترم فيه حقوق الإنسان والحريات إن المشاركة في العالمية لا تقتضي بالضرورة تذويب ألوان الخصوصية والتعالي على التاريخ وعلى الاختلافات والتنوع. عن المتصفح لما يكتبه العديد من مثقفينا اليوم في موضوع العولمة في جانب آثارها الثقافية على العالم العربي، يلاحظ أن الأجراس بدأت تدق محذرة من غزو ثقافي قادم ومنذرة بعدوان جديد على الخصوصية الثقافية، يتطلب التحصن والدفاع والتأهب واليقظة. على افتراض أننا مستهدفون فعلا بغزو ثقافي يخترق تلك الهوية. فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو : أين كنا ؟ ألم يكن الأمر يستلزم منذ مدة وضع خطط واستراتيجيات ثقافية؟ فماذا أعددنا لكل ذلك ؟ لقد تعودنا الركون إلى تحميل غيرنا مسؤولية ما نحن فيه من مشاكل وكأننا أمة غير فاعلة، يقسو علينا التاريخ مثلما تقسو علينا الظرفيات المستجدة. إن العولمة لا تهدد الهوية والخصوصيات الثقافية إلا بالنسبة لرؤية تربط الهوية بالماضي وتعتبرها معطى جاهزا ومكتملا، بينما الحقيقة أن الهوية ترتبط بالمستقبل وبطموح الأمة وأمالها في التجديد وبناء مستقبل جديد لا يتنكر لمكتسبات العصر. فلا خوف على هوياتنا الثقافية من التقدم والتحديث والعولمة، فحتى المجتمعات المتقدمة والتي اتبعت نموذج التحديث وتوجد في نفس المستوى من التقدم بقيت لها فوارقها وخصوصياتها الثقافية . هذا النص ل "سالم يفوت،" مجلة فكر ونقد / العدد 11 ص 34 (بتصرفموضوع النص "العولمة وهويتنا الثقافية"ارجوكم ساعدوني قبل يوم الخميس إن شاء الله. ​
Responda

Helpful Social

Copyright © 2024 ELIBRARY.TIPS - All rights reserved.