لولدي الكبير ما سبق أن قاله لي أبي قبل أن يودع الدنيا. قلت له ذلك ليبقى عطاء ضيعة الأجداد مسترسلا.
النص الأصلي
ضيعة الأجداد
كان أبي مزارعا يحب التربة، نباتها و قمحها و شجرها، و كان لا يبعده عن خدمتها إلا المرض، و كان يحب الحيوان، و يستيقظ مع الدواجن و العصافير، و يحلم أمام الطاحونة و يحنو على المحراث، و كان يعرف أبقاره من خلال عيونها. كان يحبنا، كما يحب أهل قريته. كان كثير العمل قليل الكلام، و حين يتكلم يقول قولا حسنا.
ذات ليلة قال لي و هو يتأمل الضيعة: " ولدي! لقد كبرت، و هذه الضيعة ستصبح يوما لك، فتعهدها بالخدمة و العناية، و ارع أخواتك و إخوانك و الماشية و الدواجن، كن رجلا، و كن صبورا!"
و عند الفجر، مات والدي، مات و هو يتأمل الحقول، و في يده آثار الفأس و المحراث و التراب، و في ملابسه تختلط روائح الليمون و الريحان و اللبن و ريش الطيور و صوف الغنم.
قال رجال القرية: " ما مات من ترك خليفته!" و كنت أنا الخليفة، لذلك أحببت التربة و الزرع، و خالطت الأبقار و الدواجن، و حنوت على المحراث و المذراة، كما كان والدي يفعل. عانقت التربة، منحتها عشقي و جهدي، و لبيت طلباتها، فلم تبخل بأطيب ثمارها.
و ذات يوم أدركت فجأة أن عمري قد تجاوز الخمسين، فبدأت أحلامي تتركز في الضيعة و مصيرها. و في مساء يوم قلت لولدي الكبير ما سبق أن قاله لي أبي قبل أن يودع الدنيا. قلت له ذلك ليبقى عطاء ضيعة الأجداد مسترسلا.
Lista de comentários
Réponse:
لولدي الكبير ما سبق أن قاله لي أبي قبل أن يودع الدنيا. قلت له ذلك ليبقى عطاء ضيعة الأجداد مسترسلا.
النص الأصلي
ضيعة الأجداد
كان أبي مزارعا يحب التربة، نباتها و قمحها و شجرها، و كان لا يبعده عن خدمتها إلا المرض، و كان يحب الحيوان، و يستيقظ مع الدواجن و العصافير، و يحلم أمام الطاحونة و يحنو على المحراث، و كان يعرف أبقاره من خلال عيونها. كان يحبنا، كما يحب أهل قريته. كان كثير العمل قليل الكلام، و حين يتكلم يقول قولا حسنا.
ذات ليلة قال لي و هو يتأمل الضيعة: " ولدي! لقد كبرت، و هذه الضيعة ستصبح يوما لك، فتعهدها بالخدمة و العناية، و ارع أخواتك و إخوانك و الماشية و الدواجن، كن رجلا، و كن صبورا!"
و عند الفجر، مات والدي، مات و هو يتأمل الحقول، و في يده آثار الفأس و المحراث و التراب، و في ملابسه تختلط روائح الليمون و الريحان و اللبن و ريش الطيور و صوف الغنم.
قال رجال القرية: " ما مات من ترك خليفته!" و كنت أنا الخليفة، لذلك أحببت التربة و الزرع، و خالطت الأبقار و الدواجن، و حنوت على المحراث و المذراة، كما كان والدي يفعل. عانقت التربة، منحتها عشقي و جهدي، و لبيت طلباتها، فلم تبخل بأطيب ثمارها.
و ذات يوم أدركت فجأة أن عمري قد تجاوز الخمسين، فبدأت أحلامي تتركز في الضيعة و مصيرها. و في مساء يوم قلت لولدي الكبير ما سبق أن قاله لي أبي قبل أن يودع الدنيا. قلت له ذلك ليبقى عطاء ضيعة الأجداد مسترسلا.